للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليّ ليس ككذب على أحدكم» (١)؛ فإن ما أمر به الرسول فقد أمر الله به يجب اتباعه كوجوب اتباع أمر الله، وما أخبر به وجب تصديقه كما يجب تصديق ما أخبر الله به، ومن كَذَّبه في خبره أو امتنع من التزام أمره (٢).

ومعلوم أن من كذب على الله بأن زعم أنه رسول الله أو نبيه، أو أخبر عن الله خبرًا كذب فيه كمسيلمة والعنسي ونحوهما من المتنبئين, فإنه كافر حلال الدم، فكذلك من تعمد الكذب على رسوله.

يبين ذلك أن الكذب عليه بمنزلة التكذيب له، ولهذا جمع الله بينهما بقوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ} [العنكبوت: ٦٨]، بل ربما كان الكاذب (٣) عليه أعظم إثمًا من المكذِّب (٤) له، ولهذا بدأ الله به، كما أن الصادق عليه أعظم درجة من المصدق بخبره، فإذا كان الكاذب [٦١٨] مثل المكذب أو أعظم والكاذب على الله كالمكذب له؛ فالكاذب على الرسول كالمكذب له.

ويوضح ذلك أن تكذيبه نوع من الكذب؛ فإن مضمون تكذيبه الإخبار عن خبره أنه ليس بصدق (٥)، وذلك إبطال لدين الله، ولا فرق بين تكذيبه في خبر واحد أو في جميع الأخبار، وإنما صار كافرًا لما يتضمنه من إبطال


(١) كذا، والحديث في صحيح مسلمٍ، المقدِّمة، باب تغليظ الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ١/ ٨، ح ٤. ولفظه: « ... على أحدٍ ... » اهـ. [المؤلف]
(٢) كذا، وكأنه سقط شيءٌ. [المؤلف]
(٣) في الأصل: الكذب، والتصحيح من النسخة التي نقل عنها المؤلف.
(٤) في الأصل: الكذب، والتصحيح من المصدر الذي نقل عنه المؤلف.
(٥) في الأصل والمصدر المنقول عنه: يصدق، والتصحيح من ط رمادي.