فالشرك كله كذب على الله في أن له شريكًا، أو أنه عزَّ وجلَّ يرضى أن تُدْعَى الملائكة [٦٢٦] ونحوهم، أو أنه شرع اتخاذ البحيرة والسائبة ونحوهما، أو أنه حرّم ما في بطون الأنعام على النساء وأحلّه للرجال وغير ذلك. والكفر كله تكذيب لآيات الله، ولذلك حصر المتكلمون الكفر في تكذيب الرسول صلَّى الله عليه وآله وسلَّم.
وأنت إذا أحطت خُبْرًا بما تقدم في هذه الرسالة علمت أن الشرك والكفر متلازمان؛ فإن التكذيب بآيات الله طاعة في الدين للرؤساء والهوى والشيطان، وتلك عبادة كما مرّ، إلا أنه في بعض المواضع قد يخفى كون الأمر شركًا، وذلك فيما كان طاعة للرؤساء أو الشيطان أو الهوى. ولهذا كان المشركون يعرفون أنهم مشركون بتعظيم الملائكة والأصنام، ولذلك كانوا يسمونها آلهة ويسمون تعظيمها عبادة، ولم يعرف اليهود أنهم مشركون بطاعتهم في الدِّين لأحبارهم ورهبانهم للشيطان وللهوى.
وقد بيَّن القرآن أن الكذب على الله شرك سواء أكان الكاذب يعلم أنه كاذب أم لا، بل يكفي في ذلك أنه قال على الله تعالى ما لا سلطان له به، قال تعالى:{سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا}[آل عمران: ١٥١].