١٩]، وقال تعالى:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[آل عمران: ٨٥] , أما من جاهد في الله من المسلمين ليعلم مسألة فرعية فإن الله يهديه إما إلى حق السبيل وإما إلى فرع يرجع إليه كما مرَّ.
واعلم أن خطأ المجتهد المسلم إنما يكون راجعًا إلى سبيل الله ما لم يتبين أنه خطأ، فأما إذا تبين له أو لغيره أنه خطأ فإن ذلك القول ينقطع بذلك عن السبيل الأعظم ولا يرجع إليه، بل يتصل بالسبل الباطلة.
وفي صحيح البخاريِّ وغيره عن هزيل بن شرحبيل، قال: سئل أبو موسى عن ابنة وابنة ابن وأخت، فقال:«للبنت النصف، وللأخت النصف، وأت ابن مسعود فسيتابعني». فسئل ابن مسعود، وأُخْبِرَ بقول أبي موسى، فقال: لقد ضللت إذًا وما أنا من المهتدين! أقضي فيها بما قضى النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «للابنة النصف، ولابنة ابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت». فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود، فقال: لا تسألوني مادام هذا الحبر فيكم» (١).
[٦٣٢] فلم تكن فتوى أبي موسى أوَّلًا ضلالًا ولا خروجًا عن الهدى؛ لأنه لا يعلم أنها خطأ. وكانت ضلالًا وخروجًا عن الهدى في حق ابن مسعود لو أفتى بها؛ لأنه يعلم أنها خطأ، وهكذا في حق أبي موسى لو أصرّ عليها بعد أن تبين له أنها خطأ، والسبب في هذا ظاهر؛ فإن المجتهد
(١) البخاريّ، كتاب الفرائض، باب ميراث ابنة ابنٍ مع ابنةٍ، ٨/ ١٥١، ح ٦٧٣٦. [المؤلف]