للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجدتموه؟ » قالوا: نعم، قال: «ذاك صريح الإيمان» (١).

فالعمل بالطيرة أن تصدَّك عن أمر قد عزمت عليه أو كنت متردِّدًا فيه أو تُمْضِيَكَ في أمرٍ لم تكن عازمًا عليه.

نعم، لو عزم رجل على معصية أوهمّ بها فعرض عارض فَهِمَ منه إشارة إلى موعظة فصدّه عن المعصية لم يكن هذا من الطيرة المنهي عنه (٢)؛ لأن الذي صدّه في الحقيقة إنما هو عِلْمُه بأن ذلك الفعْلَ معصية متوعَّدٌ عليها بالعذاب. وكذا مَن كان متردِّدًا في فعلٍ يَعْلَم أنه طاعةٌ لله عزَّ وجلَّ فعرض عارضٌ فَهِمَ منه إشارةً ترغِّبه في الفعل فَفَعَل.

[٦٧٠] وليس من الطيرة ما يُنْقَل عن النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم من حبِّ الفأل (٣)، فإنه لم يكن الفأل يحمله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم على فعلِ ما لم يكن يريد أن يفعله، ولا يصدُّه عن فعلِ ما كان يريد أن يفعله، وإنما يُرْوَى عنه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أنه كان إذا أراد أن يرسل رسولًا تحرّى أن يكون اسمه حسنًا (٤)، ونحو ذلك.


(١) صحيح مسلمٍ، كتاب الإيمان، باب بيان الوسوسة في الإيمان، ١/ ٨٣، ح ١٣٢. [المؤلف]
(٢) كذا في الأصل, ولعله قصد: التطيُّر.
(٣) كما في حديث أنس مرفوعًا: «يعجبني الفأل الصالح: الكلمة الحسنة». أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب الفأل، ٧/ ١٣٥، ح ٥٧٥٦. ومسلم في كتاب السلام، باب الطيرة والفأل ... , ٧/ ٣٣، ح ٢٢٢٤. وفي رواية لمسلم من حديث أبي هريرة ٧/ ٣٣، ح ٢٢٢٥: «وأحب الفأل الصالح».
(٤) أخرج أبو داود في كتاب الطب، باب في الطيرة, ٤/ ١٩، ح ٣٩٢٠، عن بريدة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يتطير من شيء, وكان إذا بعث عاملًا يسأل عن اسمه فإذا أعجبه فرح به ... إلخ. وإسناده صحيح.