للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيرهما (١)، وكأنه مأخوذ من الخبر الذي قرنت فيه التمائم بالرقى»، فذكر [٦٨١] حديث ابن مسعود المتقدم، ثم قال: «والتمائم جمع تميمة، وهي خرز أو قلادة تُعَلَّق في الرأس، كانوا في الجاهلية يعتقدون أن ذلك يدفع الآفات، والتولة .... شيء كانت المرأة تجلب به محبة زوجها، وهو ضرب من السحر، وإنما كان ذلك من الشرك لأنهم أرادوا دفع المضار وجلب المنافع من عند غير الله. ولا يدخل في ذلك ما كان بأسماء الله وكلامه؛ فقد ثبت في الأحاديث استعمال ذلك قبل وقوعه».

فذكر حديث: كان إذا أوى إلى فراشه ينفث بالمعوذات، وحديث تعويذه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم الحسن والحسين، وما في معنى ذلك، ثم قال: «لكن يحتمل أن يقال: إن الرقى أخص من التعوذ، وإلا فالخلاف في الرقى مشهور، ولا خلاف في مشروعية الفزع إلى الله تعالى والالتجاء إليه في كل ما وقع وما يتوقّع» (٢).

أقول: أما ما كان من تعويذ الإنسان بالقول والنفث ونحوه لنفسه ولولده أو لولد غيره بدون سؤال، فهذا لا يدخل في الرقية ولا يُمنَع قبل البلاء ولا بعده. وأما ما يكون لغيره بسؤال ولا سيَّما إذا كان المسؤول منه لا يعرف بالخير والصلاح أو كان من أهل الكتاب، فهذا هو الرقية التي يمنع منها قبل البلاء ويرخص فيها بعده، بشرط أن تكون بذكر الله تعالى. فأما إذا كان المسؤول معروفًا بالخير فقد كان الصحابة رضي الله عنهم ربما يذهبون بأطفالهم الأَصِحَّاء إلى النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يدعو لهم، ولكن لم


(١) انظر: التمهيد ١٧/ ١٦٠ - ١٦١، سنن البيهقي ٩/ ٣٥٠، الآداب الشرعية ٢/ ٤٤٤.
(٢) فتح الباري ١٠/ ١٥٣. [المؤلف]