للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإشارة إلى ما ورد في بعض طرقه: «مَن حلف بغير الله فقد أشرك». لكن لما كان حلف عمر بذلك قبل أن يسمع النهي كان معذورًا فيما صنع، فلذلك اقتصر على نهيه ولم يؤاخذه بذلك» (١).

أقول: ومن الواضح أن احتجاج البخاري بحديث عمر في هذا الباب أنه يرى أن من حلف بأبيه غير جاهل ولا ذاهل فقد كفر، ويؤخذ من ذلك أنه يرى أن حديث سعد بن عبيدة صحيح ثابت. والله أعلم.

ومن شواهد الحديث ما في مصنف ابن أبي شيبة عن عكرمة قال: قال عمر: حَدَّثْتُ قومًا حديثًا فقلت: «لا وأبي»، فقال رجل من خلفي: «لا تحلفوا بآبائكم»، فالتفتُّ؛ فإذا رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يقول: «لو أنَّ أحدكم حلف بالمسيح هلك، والمسيح خيرٌ من آبائكم» (٢).

قال الحافظ ابن حجرٍ: وهذا مرسلٌ يتقوَّى بشواهده (٣).

وفي كنز العمال عن مصنَّف عبد الرزاق عن الشعبي قال: مرَّ النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم برجلٍ يقول: وأبي، فقال: «قد عُذِّب [٧٠٩] قومٌ فيهم ابن مريم، خير من أبيك، فنحن منك براءٌ حتى ترجع» (٤).

وأخرج الحازمي في كتاب الاعتبار وابن عساكر وغيرهما عن يزيد بن سنان أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كان يحلف زمنًا فيقول: «لا وأبيك»


(١) فتح الباري ١٠/ ٣٩٥. [المؤلف]
(٢) المصنَّف، كتاب الأيمان والنذور، الرجل يحلف بغير الله أو بأبيه، ٣/ ٤١٦.
(٣) فتح الباري ١١/ ٤٢٥. [المؤلف]
(٤) كنز العمال ٨/ ٣٤٦. [المؤلف]. وهو في مصنَّف عبد الرزَّاق، كتاب الأيمان والنذور، باب الأيمان ولا يحلف إلا بالله، ٨/ ٤٦٨، ح ١٥٩٢٨.