المعبود، وهذا المعنى ظاهر لا يتيسَّر إنكاره، ولا سيَّما إذا انضم إليه دلالة الحال على التعظيم والإجلال، كما في قولهم: وشرفي، وأبي.
إذا تقرَّر هذا، فأقول: إن ظاهر هذا الضرب من القَسَم أن الحالف يُجِلُّ المحلوف به إجلال المعبود، وذلك كفر وشرك، ولا مانع من أخذ الشرع بهذا الظاهر، فإذا ثبت من الشرع ما يدلُّ على ذلك وجب القول به، وقد تقدَّم ما بلغنا عن الشرع في ذلك. والله أعلم.
وأما الضرب الثالث، فقد يقال: ليس في أصل معناه إجلال وتعظيم، وإنما فيه المحبة. وأقول: المحبة تستلزم الإجلال والتعظيم؛ لأن حبيب الإنسان جليل عظيم عنده، كما قيل (١):
أحبك إجلالًا وما بك قدرة ... عليَّ ولكِنْ مَلْءُ عينٍ حبيبُها
[٧٣٠] وفي أشعار العجم ومحاوراتهم العشقية كثير مما معناه: أنا أعبدك، وأنتِ معبودتي، ونحو ذلك، فإذا أقسم الإنسان بما يحبه كان ظاهر ذلك أنه يحبه كما يحبُّ المعبود، وقد علمت توجيه ذلك، وبقية الكلام عليه كالكلام على الضرب الثاني.
وأما الضرب الرابع، فليس في أصل معناه تعظيم ولا ما يستلزم التعظيم، ولكنه يُمْنَعُ منه إذا كان يُتَوَهَّمُ أنه من الأَضْرُب السابقة.
وأقسام الله تبارك وتعالى لا يُتَوَهَّم فيها ذلك؛ إذ كيف يتخيل أن الله
(١) البيت لنُصَيب بن رباحٍ المعروف بالأكبر. انظر: شعره: ٦٨، وهو في ديوان مجنون ليلى: ٥٨. وشرح ديوان الحماسة للأعلم الشنتمريِّ ٢/ ٧٤٨. والرواية: (أهابك) بدل: (أحبُّك).