للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السلطة يعجِّلون عقوبة مَنْ حلف بهم ولم يبرَّ. وقد مرَّ جوابُ هذه الشبهات.

وهذه السلطة الغيبيَّة قد شاع اعتقادها بين العلماء, فضلًا عن الأوساط, فضلًا عن العامَّة. ولم يبلغ مشركو العرب في الجاهلية إلى هذا الحدِّ في الملائكة، بل لم يثبتوا لهم إلا الشفاعة مع تردُّدهم فيها، حتى كانوا إذا وقعوا في شدَّة اقتصروا على دعاء الله تعالى كما تقدَّم ذلك مبسوطًا (١).

وهذه السلطة الغيبية التي تُنْسَب إلى الأولياء لا نعلم عليها سلطانًا، بل قد استأصل الله عزَّ وجلَّ شأفتها ببرهان التمانع كما تقدَّم، وإنما ينجو من برهان التمانع قدرة الملائكة التي لا يحرِّكون بها ذرَّة، ولا ينطقون بحرف حتى يأمرهم ربهم عزَّ وجلَّ.

وقد تقدَّم (٢) أنَّ أرواح الموتى إن جاز أن نفرض لها قدرة فهي كقدرة الملائكة, وأمَّا قدرة الجنّ والسحرة وكذا إن فرضنا للصَّالحين الأحياء قدرة غيبيَّة فقد تقدَّم أنها محدودة بحيث لا تصادم برهان التمانع, ومع ذلك فإنها لا تؤثر إلَّا بإذن خاصٍّ من الله تعالى بخلاف القدرة العاديَّة للبشر الأحياء.

[٧٤١] والمقصود بيان الغاية التي بلغها العامَّة ومَن يقرب منهم وإن ادَّعى العلم من الغلوِّ, والله المستعان.


(١) انظر ص ٧٦٧ - ٧٦٩.
(٢) انظر ص ٨١٦.