للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويُخرِج الحيَّ من الميت ويُخرِج الميت من الحي، ويُدبِّر الأمر، إلى غير ذلك مما تضمنته الآيات قبلها. فهم مع اعترافهم بذلك وغيره يزعمون أن الله تعالى راضٍ لهم بأن يتخذوا أوثانهم شفعاء، يشفعون لهم إليه، ويُقرِّبُونهم إليه زلفى، وهي دعوى باطلة وخيال فاسد، فإذا صدمَتْهم الحجة فرُّوا إلى التقليد، كما مرَّ بيانه، ونحوه الآية الرابعة (١).

وأما الآية الخامسة (٢) ــ وهي قوله تعالى: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} الآية ــ فإن آيات الآفاق والأنفس وبيان الرسل المؤيَّدين بالمعجزات مُبطِلة لما قالوه، بحيث لا يبقى مجالٌ لأن تُرجِّحه أذهانهم.

وأما الآية السادسة ــ وهي قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) ... } الآيات ــ فالأمر فيها واضح، فإن قولهم: إن تلك الأوثان بنات الله ــ تعالى الله عن قولهم علوًا كبيرًا ــ من أبطل الباطل وأمحل المحال، وإنما كان القوم متهوِّرين متهوِّسين لا يبالون بما قالوا، فكلُّ ما نفثَه الشيطان في نفوسهم تبعوه بلا حياء ولا خجل، نعوذ بالله من الخذلان. هذا مع أن الرسول المؤيَّد بالمعجزات بين أظهُرِهم، والبراهين قائمة، فلا يشك أحدٌ أن الظنّ في هذه الآية هو مجرد الوهم الفاسد، بل الخرص الكاذب، بل البهتان العظيم.

وأما الآية السابعة ــ وهي قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (٢٧) ... } ــ فالأمر فيها أيضًا واضح؛ لأن الملائكة عليهم السلام غيب عن كل أحد، فلم يكن هناك سبيل إلى ترجيح أنوثتهم، بل


(١) في الأصل: "الثالثة". ولعل الصواب ما أثبتناه، فإنه لم يتكلم على الآية الرابعة.
(٢) في الأصل: "الرابعة"، وهي الخامسة في ترتيب الآيات التي سبق ذكرها.