للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«المواهب» (١).

قال المانعون: الآيةُ واردةٌ في المنافقين. وما عليكم إلا أن تقرأوا ما قبلها وما بعدها، فتعلموا ذلك. يريد الله تعالى: لو أنهم جاؤوك فاعترفوا بما سلف منهم، وخضعوا لحكم الله تعالى على يدك، واستغفروا الله تعالى واستغفرتَ لهم لوجدوا الله توابًا رحيمًا.

ومع قَطْع النظر عن هذا، فإن الاستغفارَين اللذين في الآية مشروطان بتقدُّم المجيء، والاستغفارُ الذي ذكرتم أنّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قد استغفره لأمته متقدِّم على المجيء، ولا يمكنكم أن تقولوا: إنه يمكن أن يستغفر لنا صلى الله عليه وآله وسلم الآن [ص ١١] لما ثبت في «صحيح البخاري» (٢) عن أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: وارأساه. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ذاك لو كان وأنا حيّ، فأستغفر لكِ وأدعو لكِ» الحديث. ودعاؤه صلى الله عليه وآله وسلم لأمته ليس مقيَّدًا بزيارتهم قبرَه اتفاقًا.

وأما شفاعته صلى الله عليه وآله وسلم فهي حقٌّ وأيُّ حقّ، ولكنها لا تتوقّف على زيارة قبره صلى الله عليه وآله وسلم، بل تتوقف على تحقيق الإيمان قبل كلِّ شيء. ففي «صحيح البخاري» (٣) عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَسْعَد الناسِ بشفاعتي يوم القيامة مَن قال: لا إله إلا الله خالصًا من قلبه أو نفسه».


(١) «المواهب اللّدنيّة»: (٣/ ٥٨٩) للقسطلاني.
(٢) (٥٦٦٦).
(٣) (٩٩).