للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٢١٦] قلت: قد اتفق الحاكم ومتعقِّبو كلامه على اشتراط الفردية في الشذوذ، ثم اشترط الحاكم قوله: «وليس له أصلٌ بمتابع، وينقدح في نفس الناقد أنه غلط، ولا يقدر على إقامة الدليل». ومثَّل له السيوطي بما سمعت، واشترط المتعقّبون أن يخالف مَن هو أرجح منه.

فالحاكم لم يحكم بردِّ الفرد مطلقًا، بل شَرَط مع ذلك ما سمعت، وبذلك يعلم أنه لا يَرِدُ عليه أفراد «الصحيح».

والحاصل أن الحاكم نحى بالشاذ نحو المعلَّل كما أشار إليه شيخ الإسلام، فالتفرّد جُزء علّة، فإذا وُجدت قرائن أخرى على الوهم كملت العلة، كما في حديث ابن عباس الذي مثَّل به السيوطي، ولا يبعُد أن يكون منه حديث البحث، وما أحراه بذلك!

هذا بالنسبة إلى الاستدلال به على التوسُّل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في حياته، وأما بعد مماته خصوصًا مع ما زِيد فيه من قوله صلى الله عليه وآله وسلم بعد ما مرّ: «قال: فإن كان لك حاجة فمثل ذلك» (١) = فيعارضه إجماع الصحابة رضي الله عنهم على العدول عن التوسُّل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد موته إلى التوسُّل بعمه العباس، فيزداد ضعفًا إلى ضعفه.

والحاصل أن العارف المنصف لا يطمئنّ قلبُه إلى الاحتجاج بهذا الحديث.


(١) هذه الزيادة أخرجها ابن أبي خيثمة في «تاريخه» كما ذكر شيخ الإسلام في «قاعدة جليلة ــ مجموع الفتاوى»: (١/ ٢٧٥) وأعلَّها بتفرّد حماد بن سلمة ومخالفته لرواية شعبة وروح بن القاسم وهما أوثق منه. ثم أجاب شيخ الإسلام عنها على فرض ثبوتها فانظره.