فأمدّه الله بالملائكة. وفي رواية للبخاري (١): «فأخذ أبو بكر بيده فقال: حسبك قد ألْححتَ على ربك، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم عالمٌ بوعد الله تعالى، وعالم بأن الله لا يخلف وعدَه، ولكنَّه جوَّز أن يكون الوعد مشروطًا بشيء، كأن لا يصدر عن أحدٍ من المسلمين شيء من المخالفات، فلم يزل يدعو حتى ــ والله أعلم ــ أعْلَمَه الله أن النصر كائنٌ لا محالة، أي غير مشروط بشيء، فخرج يَثِبُ في الدرع ويقول:{سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ}[القمر: ٤٥]. وأبو بكر رضي الله عنه لم يلاحظ ما لاحظه النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم بل اطمأنّ بمطلق الوعد، فتأمّل.
والأدلة كثيرة، والعجب ممن يستدلّ بحديث أصحاب الغار على جواز قول القائل: «اللهم إني أسألك بحق فلان عليك وجاهه العظيم لديك»، مع أنه لا يدلُّ على التوسّل بالأعمال إلا بمعنى ذِكرها في الدعاء استنجازًا لوعد الله تعالى لعاملها بالإغاثة.
[٢٢٤] والحاصل أن معنى حديث أصحاب الغار على ما قاله المحبّ الطبري: أن هؤلاء الثلاثة ذكروا أوثق أعمالهم، وسألوا الله تعالى أن يعجّل لهم ثوابها بالتفريج عنهم. وعلى المختار الذي قاله الحافظ واحتمله كلام السبكي: أنهم ذكروا أوثق أعمالهم استنجازًا لوعد الله تعالى لمن عمل مثلها بالإغاثة، وكشف الكروب.
وعلى كلٍّ فلا معنى لقولكم:«وإذا جاز توسّل الشخص بعمل من أعماله فجوازه بأحد الصالحين أولى ... » إلخ، فإن أهل الغار سألوا حقًّا ثابتًا