للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيقال: إن ظاهر قوله: «فتجلّى لي كلُّ شيء» العموم في سائر الموجودات، فيكون الله تعالى أظهره حينئذٍ على جميع الكائنات.

والجواب: أن المراد ــ والله أعلم ــ كلّ شيء مما يختصم فيه الملأ الأعلى، كما يدلّ عليه السياق، فإن السؤال إنما وقع على ذلك، والإظهار إنما وقع ليعلم ذلك كما هو ظاهر من السياق.

فإن قيل: فإن في بعض روايات الحديث: «فتجلّى لي ما في السموات والأرض، وتلا: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} [الأنعام: ٧٥]» (١).

قلت: إن صحّ بهذا اللفظ فيحتمل أن يكون مِن تصرُّف بعض الرواة، فَهِمه من قوله: «فتجلّى لي كلُّ شيء وعرفتُ» أن المراد كلّ شيءٍ في السموات والأرض، فروى بالمعنى الذي فهمَه، ويُبْعِد هذا تلاوة الآية.

وعلى كل حال فلا أظنَّ هذا اللفظ يصح؛ لأن الظاهر من معنى الآية،


(١) أخرج هذه الرواية أحمد (١٦٦٢١ و ٢٣٢١٠) عن عبد الرحمن بن عائش عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأخرجها ابن خزيمة في «التوحيد» (٣١٨)، والدارمي في «مسنده» (٢١٩٥) عن عبد الرحمن بن عائش سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - .

قال البخاري فيما نقله عنه الترمذي: «وهذا غير محفوظ، ذكر الوليد في حديثه عن عبد الرحمن بن عائش قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وروى بشر بن بكر عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر هذا الحديث بهذا الإسناد عن عبد الرحمن بن عائش عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا أصح، وعبد الرحمن بن عائش لم يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - ». «جامع الترمذي» (٥/ ٣٦٨)، و «العلل الكبير»: (٢/ ٨٩٤).
ونحوه ذكر ابن خزيمة. وانظر حاشية «المسند»: (٢٧/ ١٧٢ - ١٧٤).