كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني

تقسيم العلم والغيب - القسم الأول من الغيب، والكلام على الرؤيا - ج: 4 - ص: 329

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الرؤيا الصالحة مِن الله، والحُلُم من الشيطان، فإن رأى أحدُكم ما يحبّ فلا يحدِّث به إلا مَن يحبّ، وإذا رأى ما يكره فليتعوّذ بالله من شرِّها ومن شرِّ الشيطان، ولْيتفُل ثلاثًا، ولا يحدّث بها أحدًا فإنها لن تضرّه» ا? .

وقد قال قومٌ في معنى الستة والأربعين: أن مدّة نبوّة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم كانت ثلاثًا وعشرين عامًا، فمنها ستة أشهر كان يرى الرؤيا الصالحة، ثم جاء الوحي فيما بعدها. ونِسْبةُ الستة الأشهر إلى الثلاثة وعشرين عامًا جزءٌ من ستة وأربعين.

وهذه مناسبةٌ ظاهرُها حَسَن، ولكن عند التحقيق يترجّح ما بينّاه أولًا؛ وذلك أن مُدّة نبوّته صلى الله عليه وآله وسلم مختلَف فيها، ومدّة الرؤيا منها غير معلومة، ومع ذلك فلم تنقطع الرؤيا عنه صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن جاءه صريحُ الوحي، بل مكثت إلى أن توفَّاه الله تعالى وهو يرى في نومه.

وأيضًا الحديث جعل الرؤيا ظاهرةً بتقسيم أجزاء النبوة إلى ستة وأربعين، فما بينّاه سابقًا أقرب إلى لفظه.

ثم رأيتُ بعضَهم (١) قال: «وذَكَر الحليميُّ أن الوحي كان يأتيه صلى الله عليه وآله وسلم على ستة وأربعين نوعًا، مثل النفث في الرُّوع، وتمثّل المَلَك له بصورة دحية مثلًا، وسماعه مثل صلصلة الجرس، إلى غير ذلك، ولذا قال صلى الله عليه وآله وسلم ما قال». اهـ

---

(١) هو الآلوسي في «روح المعاني»: (١٢/ ١٨٢). وكلام الحليمي في كتابه «شعب الإيمان»، ونقله الحافظ في «الفتح»: (١/ ٢٠).