للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم عقَّبه بقوله: {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} أي: عظيمًا شنيعًا. فلم يمنعه عليه السلام علمه بفضل الخضر وعلمه بالوحي من الله تعالى، وإعلامه أنه سيرى منه ما ظاهره منكر، وشرطه عليه أن لا يسأله عن شيءٍ من ذلك= لم يمنعه هذا كلُّه وغيرُه أن ينكر عليه ما ظنَّه منكرًا، ولم يقل: «لعل لها عذرًا وأنت تلوم» (١).

ثم أكّد عليه الخضر الشرطَ وأعْلَمه أن ذلك لأمرٍ ما من الأمور التي نبَّهه عليها، فلم يمنعه ذلك أن يُعاود الإنكار لمّا عاود الخضر مثل ذلك الفعل بقتل الغلام.

وقد يقال: إن قوله أولًا: {أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا} استفهام على أصله، وقوله: {لَقَدْ جِئْتَ} إلخ أي: إن كان الأمر كذلك.

ولكن يَرِدُ عليه أنه لا يتأتَّى مثل هذا في قضية الغلام، فتأمل.

وقد علمتَ أن دلائل الكتاب والسنة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عامة مطلقة، وقد كان بعض الصحابة رضي الله عنهم يرمي بعضًا منهم بالنفاق إذا فلت منه عمل يُشبه عمل المنافقين، وقد تكرّر ذلك من عمر ابن الخطّاب رضي الله عنه بحضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم ينكره


(١) صدر بيت لمنصور النمري، انظر «الزهرة»: (١/)، و «التمثيل والمحاضرة» (ص)، وهو بلا نسبة في أكثر نسخ «البيان والتبين»: (٢/ ٣٦٣)، و «البصائر والذخائر»: (٩/ ١٥٣). وعجزه:
* وكم لائم قد لام وهو مليم *