للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

برز للناس دائمًا لسقط من أعينهم واجترءوا عليه. والبخل، فهو يرى أنه لو برز للناس دائمًا وقضى حوائجهم فني بما بيده. والعجز، فهو يرى أنّ بروزه للناس دائمًا يشق عليه ويتعبه.

فلهذه الأسباب ونحوها احتاجوا إلى جعل وزراء وحُجّاب يكونون وسائط بينهم وبين الناس.

ولهم أسباب تمنعهم عن الإقبال على من أساء إليهم؛ كالجَوْر وعدم التخلُّق بالعفو، فإنه يحول بينهم وبين قبول توبة المسيء، ويمنعهم من قبول (١) حوائجه.

وإذا تأملت هذه الأسباب وجدتها جميعها محالًا على الله تعالى، فهو سبحانه وتعالى يقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: ٦٠].

وجاء في الحديث: «إن الدعاء هو مخّ العبادة». وفي رواية: «هو العبادة» (٢).

فالله سبحانه وتعالى أمر خلقه بسؤاله والالتجاء إليه، وأخبر أن الذي يمتنع عن سؤاله يستحقّ العقاب.


(١) كذا في الأصل، ولعلها «قضاء».
(٢) بهذا اللفظ أخرجه أبو داود (١٤٧٩)، والترمذي (٢٩٦٩)، وابن ماجه (٣٨٢٨) من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما. قال الترمذي: حسن صحيح.
وباللفظ الأول أخرجه الترمذي (٣٣٧١) من حديث أنس رضي الله عنه، وقال: غريب من هذا الوجه لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة.