ذلك، فيبقى يحرسه يرقب صاحبه، حتى إذا أراد الخروجَ أسرع فقدَّم له سلاحَه. وقد يكون ذلك من الاستدراج والعياذ بالله.
[ص ١٠٩] الثاني عشر: قولكم: ومنها أن يجيء المجذوب ... إلخ.
والجواب: أن هذا من سِحْر الشياطين، يسحرون المجذوب حتى لا يدري ماذا يصنع، ثم يسحرون عيون الناس، فيخيلون إليهم هذه الأشياء.
وها نحن قد بينّا لكم المحامل التي تُحمل عليها هذه الخوارق المدّعاة، وما كان من الاطلاع على المغيّبات قد ذكرنا محاملَها في ما مضى، لتعلموا أنه ما من خارقةٍ ــ غير المعجزات ــ إلا وهي إلى الباطل أقرب، وأن الحجة هي كتاب الله تعالى وسنة رسوله فقط.
فإن قلتم: إنّ فَتْح هذا الباب من تجويز أعمال الشياطين يؤدّي إلى مُحالات كثيرة، فلا يثق الإنسان بما يرى ولا بما يسمع، إذ كل شيء من ذلك محتمل لمثل ما ذُكِر، فقد يخيّل إليه الشيطان أنه يطأ زوجته وهو إنما يطأ بنته، مع تخييله لبنته أنه إنما يطأها زوجُها. وأشباه ذلك مما لا يُحْصَى.
فالجواب: أننا لأجل ذلك قدّمنا إنكار هذه الخوارق المدّعاة، وقلنا: إنها لا تثبت أصلًا، وإن فُرِض أنه ثبت شيءٌ منها بطريق القطع عرضناها على حكم كتاب الله تعالى وسنة رسوله، فإن قضى الكتاب والسنة ببطلانها عَلِمنا قطعًا أنها من تلك الأنواع الباطلة. والقولُ بأن شيئًا من هذه الخوارق يجوز أن يُستدلّ به ولو خالف الكتاب والسنة قولٌ لا ينبغي أن يصدر من مسلم.