للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عددتم مَن على وجه الأرض من المسلمين وجدتم جمهورهم متمسّكين بهذه الأشياء، فإن قلتم بكفرهم لم يبق إلّا عددٌ قليل!

قال المانعون: أما حديث: «عدد شعر غنم كلب» فهو ضعيف. قال الترمذي: سمعتُ محمدًا ــ يعني البخاري ــ يُضعِّف هذا الحديث. وإن صحّ حديثٌ بنحو ذلك فهو محمول على ما إذا وجد هذا العدد (١) ممن تمكن له المغفرة؛ لأننا نعلم أن نبيّ الله صلى الله عليه وآله وسلم مكث زمانًا لا يبلغ أصحابه المائة، وأخبر أن أمته ستتبع سَنن من قبلها إلا طائفة منها، وأخبر أنه آخر الزمان لا يبقى على الأرض من يقول: اللهَ اللهَ. فمن هم الذين غفر الله تعالى لهم في بدء أيام رسوله قبل كثرة أصحابه، بل وبعد كثرتهم؟ ومَن هم الذين يغفر الله تعالى لهم آخر الزمان؟ فجوابكم هو جوابنا.

وأما قولكم: إن المعتقدين جُهّال، فهم جُهّال ولا شكّ، ولكن ليس الجهل عُذرًا في أمور الاعتقاد، بل ولا غيرها حيث أمكن التعلّم.

وهؤلاء الناس جميعهم قد بلغتهم دعوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولزم كلًّا منهم أن يعرف حقيقة الدين الذي جاء به، ويعرف معنى هذه الكلمة التي هي كلمة الشهادة حقَّ معرفتها، وإلا جاء يوم القيامة مع القائلين: {رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا} الآيات [الأحزاب: ٦٧ - ٦٨]. على أننا نلزم أنفسَنا تحسين الظنّ ما أمكن قائلين: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ


(١) رسمها في الأصل: «الحدد».