محمدًا رسول الله، وتستحلّون دماءَهم وأموالَهم؟ وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم كيتَ وكيتَ؟ فأجابه ذلك الرجل قائلًا: إن شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله لا تكفي في الإسلام، ثم طال النزاعُ حول هذا الحديث، وتداخل بقية الشناقطة في الكلام وأنا ساكت، فرجع المرحوم فسكتوا، فقال: ما هذا النزاع؟ فأخذ كلّ منهم يخبره بقوله. فابتدرتُ وقلتُ: إني لم أتداخل في نزاعهم، فالحقّ لي أن أخبركم بالحقيقة. فقال: هات، فقلت: إنه في الحقيقة لا خلافَ ولا اختلاف، فالفريقان متفقان، وإنما هو كما يقول المولَّدون: سوء تفاهم. وذلك أن هؤلاء المشايخ أعني الشناقطة [٩١] قالوا للأخ: كيتَ وكيتَ، فأجاب عليهم بكيت وكيت.
والواقع أن الأخ لا ينكر أنّ مَن نطق بالشهادتين عارفًا بمعناهما يصير مسلمًا، والمشايخ لا ينكرون أن مَن اعتقد ما يخالف شيئًا من مقتضى الشهادتين صريحًا يعدُّ مرتدًّا حلالَ الدم والمال، وإن استمر على النطق بالشهادتين زاعمًا أن ذلك لا يخالف مقتضاهما، ولكنّ المشايخ تمسّكوا بالنطق بالشهادتين وفهموا أن الأخ يقول: لا يُكتفى بالنطق بها ولو مع فهم معناهما والمحافظة على مقتضاهما. والأخ تمسك بأنه لا يكفي مجرّد النطق بالشهادتين أي: بدون فهم معناهما والمحافظة على مقتضاهما، وفَهِم أن المشايخ يقولون: إنه يكفي مجرّد النطق، أي: ولو بدون ذلك. انتهى.
وأقول الآن بيانًا لذلك: إن المقصود الأهم إنما هو اعتقاد معنى هذه الكلمة على ما يفيده الوضع العربي، والاعتقاد غيب لا يعلمه إلا الله تعالى، فاكتفى الشارع بأقوى الأدلة عليه، وهو النطق على الوجه القاطع، ولذلك لو لقِّن مشرك أعجمي ذمي الشهادتين، ولم يعلم معناهما، فنطق بهما لم يَصِر بذلك مسلمًا، كما إذا لقِّن صيغة الطلاق ولم يعلم معناها، فنطق بها لم يقع.