للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونحوهما وثبوتِ الماهية والكيفية والكمية وغيرها من الحوادث، وهم فرقتان:

فرقة تتبعها بأن تعتقدَ ظاهرَ آياتِ الصفات وأحاديثها، وتعتقد التلازم، فتستدل بها على صريح التشبيه ولوازمه، حتى قال بعضهم (١): [أعفو] ني من الفرج واللحية، وسلوني عما شئتم.

وفرقة اعتقدوا التلازم وعلموا أن ثبوت الماهية وغيرها من الحوادث يقضي بتنزُّهِ الله تعالى عنه، فصرفوها كلَّها عن ظاهرها وأوَّلوها.

وكلا الفرقتين ــ والله أعلم ــ هم الذين قال تعالى فيهم: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} وهؤلاء هم الفرقة الأولى {وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} وهم الفرقة الثانية.

هكذا ظهر لي أولًا، ثم رأيتُ الأَولى عدمَ التوزيع، بل الحق أن يُحمَل كلا الحكمين على كلا الفرقتين، فإن كلًّا منهما ابتغى الفتنة بخوضه فيما نُهِيَ عن الخوض فيه، وابتغى تأويل المتشابه، أي: بيان ما يؤول إليه معناه.

وأما الصحابة رضي الله عنهم ومَن اتبعهم فهم الذين قال تعالى فيهم: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٧) رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} ذلك هو المتشابه المراد في الآية.


(١) هو داود الجواربي من مشبّهة الروافض، كما سبق (ص ١٦٠).