للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلم وبارك عليه غنيٌّ بما له من الفضائل والفواضل عن أن يغدق عليه أحدٌ بادعاءِ فضيلةٍ أخرى، وما مثلُه إلّا مثلَ ملِكٍ عظيم أمرَ طبَّاخَه أن يُصلِح له طعامًا، وأحضَر له من كل ما قد يحتاج إليه في الطبخ، فترك الطباخ ذلك وخرج إلى بيوت الجيران يسألهم للملك! فهل ترى هذه خدمةً للملك ومحبةً له أو إهانةً وإيهامًا أن الملك فقير؟ !

ومما يُنظر فيه زيادة «سيدنا» في الصلاة الإبراهيمية وفي التشهد وغيره، فإن بعضهم استحسن ذلك بحجة أنه زيادة إخبار بواقعٍ، مع أنه ليس في عدم ذكر ذلك في السنة ما يدلُّ على الكراهة، وقد قام الدليل أنه - صلى الله عليه وسلم - [ص] سيِّد ولد آدم، وأن الثناء عليه وتوقيره من أعظم القُرَب. قال: وما رُوي من قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: [لا تُسيِّدوني في الصلاة] لا أصلَ له (١)، ولو ثبت حُمِل على مطلق الإذن عنه - صلى الله عليه وسلم - بعدم تسييده، كما فهم الصديق [من إشارته صلى الله عليه] وآله وسلم له بالثبات في الإمامة، حيث رجَّح حسنَ الأدب فتأخّر، فيتعارض هنا امتثال الأمر [مع حسن الأدب]، [وحسن] الأدب أولى اقتداءً بالصديق. وكذلك نقول في مخالفة الوارد، إذ لم يكن فيه التسييد، بل هو أولى مما مرَّ ...

[فالجواب: ] .... هذه الزيادة يشعر أنها غير مشروعة؛ إذ لو كانت مشروعةً لأرشد إليها الشارع. وفي حديث [ابن مسعود] قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أيها الناس! ليس من شيء يُقرِّبكم إلى الجنة ويباعدكم من النار [إلا قد أمرتُكم به» (٢)]. فإن كان - صلى الله عليه وآله وسلم - يمنعُه من ذلك الحياءُ والتواضع كما


(١) انظر «المصنوع» (ص ٢٠٦) و «الأسرار المرفوعة» (ص ٣٨١) كلاهما للقاري.
(٢) أخرجه البغوي في «شرح السنة» (١٤/ ٣٠٣). وفي إسناده انقطاع بين زبيد اليامي وابن مسعود رضي الله عنه. وفي الباب حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه عند مسلم (١٨٤٤).