مع أن هذا الأدب منه مع ربه .... رضي لنفسه نحو ما رضيه الله له في أشرفِ مواطنه، قال عز وجل:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا}[الإسراء: ١]، وقال تعالى:{نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}[ص: ٣٠]. وذكر الله عزَّ وجلَّ أنبياءه في مقام المدح بقوله:{وَاذْكُرْ عَبْدَنَا}[ص: ١٧]، {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا}[ص: ٤١]. وقال عزَّ وجلَّ في ردّه على إبليس:{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}[الحجر: ٤٢]. ومثل ذلك كثير.
ثم إن قوله - صلى الله عليه وسلم - :«كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم» ... فزاد ذكر العبد عند الدعاء له ونحوه من أوصاف المدح مقتضيًا آخر غير مجرد التواضع؛ لأن التواضع إن أمكن في حق نفسه فكيف ... ، فلم يُعلِّمنا أن نقول:«كما صلَّيتَ على خليلك سيِّدنا إبراهيم» مثلًا. ولا ينافي هذا قولَه - صلى الله عليه وآله وسلم - في الدعاء للمدينة:« ... إبراهيم عبدك ونبيك وخليلك، وإني عبدك ونبيك» الحديث، فإن لكلِّ مقامٍ مقالًا، مع أنه قدَّم ذكر العبودية كما ترى.
[وفي «المشـ] كاة» عن نافع أن رجلًا عطسَ إلى جَنْب ابن عمر، فقال: الحمد لله والسلام على رسول الله، قال ابن عمر: وأنا أقول: الحمد لله والسلام على رسول الله، وليس هكذا علَّمنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، [علَّمنا] أن نقول: الحمد لله على كلِّ حال. رواه الترمذي (١)، وقال: هذا [حديث] غريب.
وفي حواشيه نقلًا عن «اللمعات»: قوله: «وليس هكذا» أي: ولكن ليس المسنون في هذه الحال هذا القول، وإنما الذي ... أن يقول: الحمد لله على كل حال فقط، من غير زيادة السلام فيه. على أنه ينبغي في الذكر والدعاء