للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قول الملك: {إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ} [يوسف: ٤٣] واضح المعنى، وتأويلُها بقوله: {تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا ... } إلخ [يوسف: ٤٧] إنما هو تأويل للمعنى، أي: جَعْله آيلًا إلى أن تُعْلَم حقيقته، فعُلِمَ أن حقيقة السبع السمان: سبع سنين خصبة، والعِجاف: جدبة، ومشى عليه.

ومن الثالث قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ} أي: جَعْل الحقائق التي تضمّنها الإخبار عنها آيلةً إلى البروز قال: {يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} [الأعراف: ٥٣]. [قال ابن عبا] س: {يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} تصديق ما وَعَد في القرآن. وعن قتادة: {تَأْوِيلُهُ}: ثوابه .... جزاؤه، وعن السُّدِّي: عاقبته، وعن ابن زيد: حقيقته.

وقوله عزَّ وجلَّ: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} [يونس: ٣٩]. ومنه قوله تعالى ــ حكايةً عن يوسف ــ: {لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ} في المنام {إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا} [يوسف: ٣٧] التأويل.

ومنه قوله عزَّ وجلَّ: {ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: ٥٩]. ومنه قول عائشة: «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي يتأول القرآن» (١) جَعلتْ نفس دعائه هذا تأويلًا لقوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} [النصر: ٣].


(١) أخرجه البخاري (٨١٧)، ومسلم (٤٨٤).