للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا كانت توضع أستار على القبور، ولا تُنْصَب عليها الرايات، وغير ذلك.

فالهيئة المشروعة عدم هذه الأشياء، فهذه الأشياء ونحوها بدعة ضلالة، يتناولها عموم النهي عن البدعة، وإلا فإنه يُؤخَذ منه النهي عنها بالقياس الجلي، سواءً أقلنا: إن العلة في النهي عن الرفع والتجصيص ونحوه هي كراهية معاملة القبر الذي هو بيت البِلَى بما ينافيه من الإحكام والتزيين. أم قلنا: إنها كراهية تمييز القبر بما قد يؤدي إلى تعظيمه.

وقد ورد التعليل بالأولى عن المذاهب الأربعة.

ففي "المنتهى" (١) من كتب الحنابلة متنًا وشرحًا: "وتسنيمٌ أفضل لحديث التمَّار، ولأن التسطيح أشبه ببناء أهل الدنيا". اهـ.

وفي "الأم" (٢) للإمام الشافعي: "وأحبّ أن لا يُبْنَى ولا يُجَصَّص، فإن ذلك يشبه الزينة والخيلاء، وليس الموت موضع واحد منهما". اهـ.

[ص ٤٨] وفي "الجوهرة المضية" (٣) من كتب الحنفية: "قوله: (ويكره الآجُرّ والخشب) لأنهما لإحكام البناء، وهو لا يليق بالميت؛ لأن القبر موضع البلى". اهـ. ثم حكى تقرير هذا التعليل عن السرخسي.

وفي "شرح الموطأ" (٤) للباجي من المالكية: "فأما بنيانه ورفعه على


(١) (٢/ ١٤٤ ــ مع شرح البهوتي ت: التركي).
(٢) (٢/ ٦٣١).
(٣) (١/ ٤٢٧). وهكذا وقع اسم الكتاب عند المؤلف، وصوابه "الجوهرة النيِّرة" وهو شرح لمختصر القدوري لأبي بكر الحدادي.
(٤) (٢/ ٤٩٤).