وخامسًا: وهو أضعف الأسباب، أني أرى أن البركة في التجارة إنما هي في النموّ الذي يحصل منها بمعونة الاعتماد على الله عز وجل، والجدّ في العمل والاقتصاد في النفقة.
هذا وإني أعرف وأعترف بأن لك الحق أن تَعْتب عليّ وتلومني وأشد من ذلك، فإنك لا تستطيع أن تفهم كيف أصرف في كل شهر نحو مائة وثلاثين رُبّية مع الاقتصاد، ولا يلزمك أن تحسن الظن بي، وكان عليّ أن أشرح لك نفقتي تفصيلاً، ولكني أرجأت ذلك إلى وقت آخر.
أما قولك:[فاعذروني إذا رأيتم في كتابي هذا من كلمات تنافي الأدب] فإني لم أرَ فيه إلا هذه الكلمة، فإني غَلَبت عليّ الصراحة وبُغْض الآداب المتكلَّفة، وأحب شيء إليَّ: أن تدع قلمك يترجم عن قلبك، مفوِّضًا إليه التعبير عن خواطرك بحريته الكاملة، وقد قيل: إذا ثبتت الأُلفة سقطت الكُلْفة، فما بالك بالأخوّة! مع أن خُلُقي الآن بُغْض التكلّف مُطلقًا.
أما الولد (١) أبو بكر بن محمد فإنه كان ذهب هو وأخوه إلى سيدي الوالد ولم يناسبهما المقام، فأما أبو بكر فاحتال ورجع إلى أخواله وبقي عندهم، وسأكتب إليه إن شاء الله تعالى، ولا أظنه يوافق.
وأما أحمد فلم يصبر على البقاء عند الوالد فالتجأ إلى أحمد مصلح وهو باقٍ عنده، وجاءني منه كتاب يناشدني أن أطلبه، وأنه في مشقة شديدة وكنت قد كتبت إلى الوالد في إرساله ولم أُلحّ في ذلك، لأني لا أرى