للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأشعر أن الحامل لهم على هذا العزم هو الغلبة [ص ١١٦] على ما قرره بعض علماء البيان في باب المسند إليه في مجيئه موصولًا؛ للإيماء إلى وجه بناء الخبر (١)، كما في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: ٦٠].

واعتراض السعد عليه إنما هو لتفسيره الإيماء بما ذكر لا على نفس المعنى.

وقرَّره علماءُ الأصول في مسالك العلة، بقولهم: "إن ربط الحكم بالمشتق مؤذنٌ بعِلِّية ما منه الاشتقاق" (٢). وهو في الموصول أوضح.

والغالب أن الغلبة تكون سببًا للبَطَر والبغي والعدوان، ويعيِّنه أنه لو كان فعلهم محمودًا لرتَّبَه على وصفٍ ظاهر المناسبة للخبر.

إذا تأملت هذه الأوجه، وأنعمتَ النظر، علمت أن الآية تدل بنفسها على أن الفريق الأول هو المحمود، والفريق الثاني هو المذموم.

فالفريق الأول متمسِّكون بعهد نبيهم، واقفون عند حده.

والفريق الثاني أهل جهل وغُلوّ وعدوان، يشرعون ما لم يأذن به الله تعالى، ويحسبون أنهم يحسنون صنعًا.

فهذه دلالة الآية بنفسها، قد علمت حقيقتها، ثم ضمّ إلى ذلك دلالة


(١) انظر "التلخيص ــ بشرح البرقوقي": (ص ٦٠)، و"المطوّل": (ص ٧٤).
(٢) انظر "البحر المحيط": (٥/ ٢٠١) للزركشي، و"التحبير شرح التحرير": (٧/ ٣٣٤٩ - ٣٣٥٠) للمرداوي.