للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى فرض أن الواقع هو إحدى الصورتين الأُخْريين، فيحتمل أن يكونوا أرادوا بالبناء البناء على باب الكهف، وهو الأظهر الأنسب بالحال [ص ٥] لاستغراب القوم هذه الحادثة واشتباههم في الفتية، أعادوا لنومهم، أم ماتوا؟

ويحتمل أن يكونوا أرادوا البناء على جثثهم في داخل الكهف، ومع بُعْدِ ذلك، فلم يكن هناك قبرٌ حتى يقال: إن البناء وقع عليه، وإنما البناء نفسه هو بمثابة القبر، واحتيج إليه لامتناع إخراج الفتية من الكهف، وحَفْر قبورٍ لهم كالعادة؛ لغرابة قصتهم، وعلاقتهم بالكهف، والشك في موتهم.

وهنا احتمال آخر، وهو: أن يكون المراد بالبنيان في الآية ما يُنصب تذكارًا لتلك الآية، وأن المناسب أن يكون بمكانٍ عالٍ مكشوف، إما بأن يكون خارج الكهف بعيدًا عنه، بحيث يظهر للمارة وغيرهم، وإما أن يُجْعَل على رأس الجبل الذي فيه الكهف.

وأن هذا أرجح من الأول؛ لأنه أنسب بالمقصود، وأظهر في معنى "على" كما سيأتي إيضاحه.

والحق الذي لا ريب فيه أن المراد به: البناء لسد باب الكهف؛ لأن مواراة جثث الفتية أمرٌ ضروريٌّ لابد منه، وحمل البنيان في الآية على هذا الأمر الضروري أولى من حمله على شيءٍ آخر.

وقد مر أن كون البنيان لسد باب الكهف أرجح من كونه حول الفتية في جوفه. وسيأتي في تقرير النزاع ما يزيد هذا بيانًا إن شاء الله.

ثالثًا: قوله: "قال المفسرون: وهم المؤمنون ... " إلخ.