للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكن ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اطلع على ذلك، ومجرَّد احتمال ذلك يرده، فلعله أحدثه بعضُ التابعين الذين لم يطلعوا على النهي.

وعلى كل حال، فليس في فعلهم حجة.

[ص ٤٠] وأما الإجماع؛ ففي زمان الصحابة ثبت عن علي وفَضَالة ما يخالفه، وهناك آثار عن عمر وعثمان تخالف ذلك أيضًا.

وفي زمن التابعين يبعد أن يروي الأئمة هذه الأحاديث بدون بيان ما يخالفها، ومع ذلك يخالفونها.

وفي "كنز العمال" (١): عن عثمان: أنه كان يأمر بتسوية القبور. ابن جرير.

وفي "شرح الموطأ" (٢) للباجي ما لفظه: "قال ابن حبيب: وروى جابر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن تُرْفع القبور، أو يُبْنى عليها، وأمر بهدمها، وتسويتها بالأرض. وفَعَلَه ــ يعني الهدم والتسوية ــ عمر بن الخطاب. قال: وينبغي أن تسوى تسوية تسنيم ... إلخ.

ومع هذا فمن الواضح أن الإجماع الحقيقي لا يمكن العلم به، وإنما غاية ما يمكن أن نجد قولًا لمن قبلنا لا نعلم له مخالفًا، فيكون هذا حجةً إذا لم نجد في الكتاب أو في السنة ما يخالفه، فأما إذا وُجد في الكتاب والسنة


(١) رقم (٤٢٩٢٧). وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف": (٣/ ٥٠٤)، وابن أبي شيبة في "المصنف": (٣/ ٢٢٢).
(٢) (٢/ ٤٩٤).