للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: ما علَّقه البخاري (١)، قال: "لما مات الحسن بن الحسن بن علي، ضربت امرأته القبة على قبره سنةً، ثم رُفِعت: فسمعوا صائحًا يقول: ألا هل وجدوا ما فقدوا؟ فأجابه آخر: بل يئسوا، فانقلبوا".

والجواب: أن البخاريَّ علقه تحت عنوان: باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور.

والبخاري وإن ذكره بصيغة الجزم، فلم يلتزم في ذلك أن يكون صحيحًا. نعم، قالوا: إن ذلك إذا لم يكن صحيحًا عنده، فهو صحيحٌ عند غيره، وهذا لا يفيد؛ لأن شروط غيره مختلفة، حتى إن منهم من لا يشترط في الراوي غير الإسلام.

فإن قيل: المراد غيره ممن يتحرى، كمسلم.

قلنا: فإن في بعض ما يصحّحه مسلم ما ينتقد، ولولا ذلك لما أتعبنا أنفسنا بهذا البحث.

ونحن لا ننكر أنه [ص ٦٩] ينبغي لنا حُسن الظن بالبخاري، أنه لا يعبر بصيغة الجزم إلا وقد اطلع على سندٍ قوي، لكن هذا في ظنه، فأما نحن، فالذي يلزمنا أن ننظر في السند، ونحكم بما ترجح لنا.

وذكر الحافظ في "الفتح" (٢) أنه رُوي هذا الأثر في الجزء السادس عشر من حديث الحسين بن إسماعيل بن عبد الله المحاملي ــ رواية الأصبهانيين عنه ــ. قال: وفي كتاب ابن أبي الدنيا في "القبور" (٣) من طريق


(١) في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور (٢/ ٨٨ ــ الميرية).
(٢) (٣/ ٢٣٨).
(٣) ليس في المطبوع منه، والمطبوع ناقص. وهو في "هواتف الجان" له (١٣١).