للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢ - وعلى تسليم أن شعبة أراد بها القذف، فلم يبين لفظ أبي الزبير، فيحتمل أنه قال كلمة يراها شعبة قذفًا، وغيره لا يوافقه، ولهذا قال الفقهاء: إذا قال الشاهد: أشهد أن فلانًا قذف فلانًا؛ لم يقبل حتى يفسّر.

ولا يَرِدُ على هذا قول شعبة: فقلت له: أتفتري .. إلخ.

وسكوت أبي الزبير عن نفي ذلك؛ لأن شعبة قد يكون إنما قال له: أتقول هذا لرجل مسلم؟ ثم أخبر شعبة عن ذلك بالمعنى على رأيه. أو يكون أبو الزبير ترك نفي ذلك؛ لأنه على كل حال قد جرى منه شيءٌ غير لائق، فرأى الأولى المبادرة إلى الاعتذار، بأنها كلمة سبقت على لسانه لشدة الغضب.

٣ - وعلى تسليم أنه قذفه قذفًا صريحًا، فقد يكون أبو الزبير مطلعًا على أن ذلك هو الواقع، وسكت عن ذكر ذلك لشعبة؛ لأنه على كل حال مما لا يليق، وإنما سبق أولًا على لسانه لشدة الغضب، ورأى أن هذا العذر كافٍ.

ويُسْتأنس لما ذُكِر أنه لو كان القذف صريحًا، والمقذوف سالمًا لذهب فشكاه إلى الوالي، والحدود يومئذٍ قائمة.

٤ - وعلى كل حال، فقد أجاب أبو الزبير عن نفسه [ص ١٠٣] بقوله: "إنه أغضبني". أي: فلشدة الغضب جرت على لسانه ــ وهو لا يشعر ــ كلمة مما اعتاد الناسُ النطقَ به.