للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِن (١) جراءته على الكذب، تردّ الرواية، وما لا، فلا".

وفيه: قال الجويني: "الثقة هي المعتمد عليها في الخبر، فمتى حصلت الثقة بالخبر قُبِل".

[ص ١٠٤] أقول: وهذا هو المعقول، وعليه عمل الأئمة الفحول، فإن الحكمة في اشتراط العدالة في الراوي هي كونها مانعة له عن الكذب، فيقوى الظن بصدقه، فإذا جرت منه هفوة لا تخدش قوة الظن بصدقه، لم تخدش في قبول روايته.

ومن هنا رجَّح الأئمة رواية الخوارج على رواية الشيعة؛ لأن الخوارج يعتقدون أن مطلق الكذب كفر، فضلًا عن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

أما الشيعة فيتدينون بالكذب (التقية) حتى جوزوها من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بل على الله عزَّ وجلّ؛ لتأويلهم الآيات الواردة في مدح بعض الصحابة على خلاف ظاهرها، قائلين: إنما جعل الله تعالى ظاهرها الثناء استدراجًا لأولئك القوم، ليقوموا بنصر الدين، ويكفُّوا ضررهم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته ... (٢).

والذي يهمنا أن تلك الكلمة التي سبقت على لسان أبي الزبير بدون شعوره؛ لشدة غضبه، لا ينبغي أن نهدر بها مئات الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، [ص ١٠٥] مع التحقق بكمال صدقه، وحفظه وضبطه، وتحرِّيه وإتقانه.


(١) في المحققة: "معه".
(٢) كلمتان لم أتمكن من قراءتهما ورسمهما: "والسوط مطين".