صرَّح كلٌّ منهما بالسماع، بحيث انتفى احتمال التدليس، وصرح سليمان بقوله:"أخبرني جابر"، ويبعد كلَّ البعد أن يكون ههنا سهو من النسَّاخ في السندين المتتابعين معًا، فلم يبق إلا أحد احتمالين:
إما أن يكون صَدَق في أن جابرًا أخبره، وإما أن يكون كذب.
وقد ثبت أن الرجل صدوق، وهو أعلم بنفسه من ابن معين وغيره. ولم ندرِ علامَ بنى ابنُ معينٍ حكمَه، فتمسَّكْنا بما صح من سماع سليمان عن جابر، وقد أدرك من حياة جابر مدةً طويلة.
هذا، مع علمنا بأن ثبوت سماعه من جابر لا يفيد صحة حديثه في شأن القبور [ص ١١٢] ما دامت عنعنة ابن جريج قاطعة الطريق، إلا أن توجد رواية مصرحة بسماع ابن جريج منه لهذا الحديث.
فأما تصريح سليمان بالسماع، فلا ضرورة إليه، إذ قد صحّ سماعُه من جابر، وليس بمدلّس.
على أن مجرد إمكان لقيه لجابر كافٍ في حمل عنعنته على السماع، على ما اختاره مسلم، وسيأتي البحث فيه إن شاء الله تعالى، في تحقيق حال القاسم بن مخيمرة (١).