للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في تلك المسألة إن لم يستظهر بطلانه.

كمسألة الجهة للرب سبحانه، قد يتدبر الناظر الأدلة العقلية للفريقين، ثم يخرج بالشكِّ في وجود الله عز وجل أو إنكاره، فيقول: ما كان في جهة فليس برب، وما لم يكن في جهة فهو معدوم (١)!

فأحببتُ أن أكتب رسالةً أوضِّح فيها الكلام، وأُقرِّب المرام، وأحرص على تقرير الحجة على وجهٍ يشفي غليل المستفيد، وتخرجه إن شاء الله تعالى عن الحيرة والتقليد.

وهواي فيها إن شاء الله تعالى مع الحق، لا مع فرقة من الفرق، [ص ٢]


(١) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "منهاج السنة": (٢/ ٢٢١ - ٢٢٣): "للناس في إطلاق لفظ (الجهة) ثلاثة أقوال، فطائفة تنفيها وطائفة تثبتها وطائفة تفصّل ...
والمتبعون للسلف لا يطلقون نفيها ولا إثباتها إلا إذا تبين أن ما أُثبت بها فهو ثابت وما نُفي بها فهو منفي؛ لأن المتأخرين قد صار لفظ (الجهة) في اصطلاحهم فيه إجمال وإبهام كغيرها من ألفاظهم الاصطلاحية، فليس كلهم يستعملها في نفس معناها اللغوي؛ ولهذا كان النفاة ينفون بها حقًّا وباطلًا، ويذكرون عن مثبتيها ما لا يقولون به، وبعض المثبتين لها يُدخل فيها معنى باطلًا مخالفًا لقول السلف ولما دل عليه الكتاب والميزان.
وذلك أن لفظ (الجهة) قد يراد به ما هو موجود، وقد يراد به ما هو معدوم، ومن المعلوم أنه لا موجود إلا الخالق والمخلوق، فإذا أريد بالجهة أمر موجود غير الله كان مخلوقًا، والله تعالى لا يحصره ولا يحيط به شيء من المخلوقات، فإنه بائن من المخلوقات.
وإن أريد بالجهة أمر عَدَمي، وهو ما فوق العالم فليس هناك إلا الله وحده ... ". وانظر "مجموع الفتاوى": (٣/ ٤١، ٥/ ٢٩٦ وما بعدها) و"درء التعارض": (٣/ ٢٩٥ وما بعدها).