للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمعنى أنك لا تعتقد مطابقته للواقع، بل تعلم أو تظن مخالفته له أو تشك؛ فقد تحرَّيت الكذب، [وأتيت] (١) بالكلام فيما هو نقيض المقصود منه.

ولا شكَّ أن قانون العربية [أن يكون] الكلام على ظاهره المفهوم منه، مع ما يكون هناك من القرائن التي [إن لم] يلاحظها المخاطَب كان مقصِّرًا.

فإذا كنت مع رفيق لك في الهند مثلًا، وأهلكما في اليمن، ثم رجعت إلى وطنك، فسألك أهل رفيقك عنه فقلت لهم: قُتِلَ، قَتَلَه فلان، فهاهنا عدة أحوال:

الأولى: أن تكون شَهِدْته قد (٢) قَتَلَه فلانٌ القَتْلَ الحقيقي.

الثانية: أن تكون شَهِدْته قد جرحه فلان، فأغمي عليه، وقال من عنده: إنه مات، وسافرتَ عَقِبَ ذلك، ولا ترى إلا أنه مات الموتَ الحقيقي.

الثالثة: أن تكون علمت بالجرح، ثم أخبرك من تثق به أنه مات.

الرابعة: أن يكون رفيقك رجع معك وهو حاضر المجلس، وقد عرف أهله ذلك، ولكنهم سألوك عما كان حاله في الهند، فقلت: قتله فلان، وأردت أنه خَدَعه في معاملته، أو نحو ذلك مما يُتجوَّز عنه بالقتل.

الخامسة: أن يكون رفيقك باقيًا بالهند، وسئلت عنه، فقلت: قُتِل في الهند قَتَله فلان، وسمَّيتَ رجلًا يعرفون أنه لم يزل عندهم، وأردتَ أنه كَتَبَ إليه بكتابٍ أشار عليه فيه بما ضره ونقصه، فكأنه قتله، أو نحو ذلك مما يُتجوَّز عنه بالقتل.


(١) تفشَّى الحبرفي هذا الموضع، فطمس الكلمات التي وضعناها بين المعكوفات في هذه الأسطر الثلاثة.
(٢) عليها أثر الضرب، لكن الظاهر أنها ثابتة، والضرب إنما امتدّ إليها من السطر الآخر.