للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الثالثة فهي قريب من الثانية، إلا أن الملامة لك ألزم، إذ كان ينبغي لك أن لا تصرِّح بالقتل، بل تشرح الواقعة كما كانت، ولا فرق في هذه ــ أيضًا ــ أن يكون مات أو لا.

وأما الرابعة فلا قُبْح فيها ولا إثم بالنظر إلى القتل؛ لأن صاحبهم حيّ أمامَ أعينهم، فكيف يتوهَّمون أنه قتل؟ !

وكذلك الخامسة؛ فإنهم يعلمون أن فلانًا لم يزل عندهم، فكيف يتوهمون أنه مع ذلك قَتَل صاحبهم بالهند؟ !

وأما السادسة فالقبح والإثم لازم لك؛ إذ لستَ بجازم في نفسك بأنه مات، فكيف تجزم بالقتل؟ وإنما سبيلك أن تقصّ عليهم الواقعة كما كانت، ولا فرق في هذه بين أن يكون مات أو لا.

وأما السابعة فتحرِّيك الكذب ولزوم قبحه وإثمه لك ظاهر، سواءً أكنت تعلم بعدم القتل أو لا تعلم قتلًا ولا عدمه، وسواءً اتّفق أن كان في نفس الأمر أنه قتله أو لا؛ إذ المدار على جرأتك على الكذب وهي ثابتة على كل حال.

[ص ٩] وأما الثامنة فهي كالسابقة (١)، فإن تأويلك في نفسك لا يغير من صورة الخبر ولا من فهم السامع شيئًا، وكذلك المنافيات التي لا يعلمها السامع لا تُغِّير من فهمه شيئًا.

والقرينة التي اشترطها العلماء لصحَّة التجوُّز المرادُ بها ما يقترن بالخبر مما يَشعُر به السامعُ ليصرفه عن فهم ما لم يقصد. ومجرّد تأول المخبِر في


(١) تحتمل: "كالسابعة".