للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرجي لهن أن يكتب الله تعالى في قلوبهن الإيمان، ويؤيدهن بروح منه، فلهذا يتمنى أن يعود إلى مثل حالهنَّ، وإذا كانت هذه حال العجائز، فما عسى أن يكون حال العلماء السلفيين؟ ! ] (١).

وأما الغزالي فحاله عجيب، والذي يتراءى من صفاته أنه كان يغلب عليه ثلاثة أخلاق:

الأول: الشغف بالعلم.

الثاني: حب التفوُّق (٢).

الثالث: الحرص على حَمْل الناس على التمسّك بالعبادات الإسلامية.

فبالخُلُق الأول نظر في الفقه وأصوله والكلام، ثم حكى عن نفسه أنه لم يقنعه (٣) الكلام، فنظر في الفلسفة فلم تشفه، فمال إلى التصوُّف، ثم عاد إلى مطالعة كتب الحديث، حتى مات و"صحيح البخاري" على صدره.

وبالخلق الثاني تجده عندما حصَّل الكلام يبالغ في مدحه، ثم لما أخذ الفلسفة صار يبالغ في مدحها، ويزعم أن من لم يعرف المنطق لا يوثق بعلمه، ويقول: "إن عامة المتكلمين مقلدون".

ثم لما أخذ التصوّف صار يبالغ في مدحه، ويفرط في إطرائه، ثم كأنه


(١) بيّض المؤلف للكلام على الجويني أربعة أسطر. وقد نقلنا كلامه فيه من "التنكيل ــ القائد": (٢/ ٣٦٩ - ٣٧٠)، وانظر: "سير أعلام النبلاء": (١٨/ ٤٧١)، و"المفهم": (٨/ ٦٩٢ - ٦٩٣) للقرطبي، و"الروض الباسم": (٢/ ٣٤٨).
(٢) لم يذكر هذا الخُلُق في "التنكيل".
(٣) غير محررة، وتحتمل: "ينفعه".