للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ص ٢٠] لو بغير الماء حلقي شَرِقٌ ... كنتُ كالغصّان بالماء اعْتِصاري (١)

وقد تقدم في الأصل الرابع من المقدمة الأولى (٢) الإشارة إلى شيء من الأغلاط. وفيما شرحه العلماء من أغلاط الحسّ ما يستمر على كثير من الناس وإن تنبه له علماء الطبيعيات، ومنها ما يصعب عليهم حلّه، وقد يستمر عليهم الغلط، حتى إن الأشاعرة يزعمون أن العَرَض لا يبقى زمانين، فيزعمون أن بياض هذا الورق وسواد هذا المِداد في تبدّل مستمر، ولكن الحسّ لا يُدْرِك ذلك لسرعة توالي الأمثال.

ويزعم ... (٣) أن الأجسام كذلك في تبدّل مستمر، فما بالك بأغلاط العقل؟ !

هذا مع أن من كلَّف نفسَه النظر يحتاج غالبًا إلى كلام أهل الآراء المختلفة، وكلٌّ منهم يحتجّ على رأيه بشبه يزعم (٤) على كثير من النظار حلها.

السبب الثالث: أنه مظنة الكذب على الله، وذلك من وجهين:

الأول: أن العقل قد يغلط كما تقدم، فيظهر الغالطُ غلطَه ويحتج عليه، ويتعصّب له، فإذا دفعه غيره بحجة حمله التعصب على عدم الرجوع.


(١) البيت لعدي بن زيد العبادي، في "الشعر والشعراء": (١/ ٢٢٩)، و"الاشتقاق" (ص ٢٦٩) لابن دُريد.
(٢) (ص ١٢ - ١٤).
(٣) ترك المؤلف بياضًا مقدار كلمة. ولعلها "النظَّام" فقد نُسب إليه هذا الزعم في "بغية المرتاد" (ص ٤٢١) و"شرح المقاصد": (٣/ ٨٦).
(٤) كذا في الأصل، ولعل المؤلف أراد: "يصعب" أو "يتعذر" فسبق قلمه بهذه الكلمة.