للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال بعض الأكابر (١): "يقول سبحانه: أَحَدَثوا من غير مُحدِث، أم هم أحدثوا أنفسهم؟ ! ومعلوم أن الشيء لا يوجد نفسَه" (ص ١٥) (٢).

وحكوا عن بعض الأعراب أنه سُئل عن معرفته ربَّه فقال: "البعرة تدل على البعير، و [آثار الأقدام تدل على المسير] " (٣).

[ص ٢٥] واختلف الناس في تلخيص هذا المعنى على وجوه:

الوجه الأول ــ وهو المشهور بين المتكلمين ــ قولهم: الحادث لا بد له من مُحدِث، فإن كان محدثه هو القديم فذاك، وإن كان حادثًا فله (٤) في نفسه محدث، وهكذا فلا بد أن تنتهي السلسلة إلى محدث غير حادث.

وقد اصطدمت هذه العبارة بأمور:

الأول: الشبهة القائلة: هذا مسلَّم، ولكن قد لا يثبت به وجود رب العالمين؛ إذ قد يقال: هذا حادث فله محدث، ومحدثه حادث فله محدث، ومحدثه حادث، فله محدث، وهكذا بغير نهاية.

والأمر الثاني: ما قد يقال: وجوب الانتهاء إلى قديم مسلَّم، ولكن قد يُدَّعَى قِدَم شيء أو أشياء ليست برب العالمين، كأن يُدَّعَى قدم الشمس مثلًا.


(١) هو ابن أبي العزّ الحنفي في "شرح الطحاوية" (ص ١١٢).
(٢) هكذا بخط المؤلف فوق السطر.
(٣) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير": (١/ ١٦٦)، و"تلبيس إبليس" (ص ٦٦)، والمقري في "نفح الطيب": (٥/ ٢٨٩) بسياق آخر وزيادة. وما بين المعكوفين منها، وتركه المؤلف نقاطًا.
(٤) "فله" مكررة في الأصل.