للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قدمت فصلًا في ذلك (١).

ومن أنصف علم أن الحجج المُثْبِتة أنه تبارك وتعالى في جهة أقوى بدرجات مما احتجَّ به على أن الفضاء شيء وجوديّ، هذا إن لم يسلم أن تلك قطعية.

وإذا ثبت أو جاز أن يكون حقيقة الفضاء أمر عدمي (٢) سقطت حجتكم الأولى، وكذلك الثانية، فإنه إذا كان الفضاء أمرًا عدميًّا لم يتصور الحاجة إليه في الوجود إلا بمعنى الحاجة إلى أن لا يرتفع بالكلية، وارتفاعه بالكلية محال، وارتفاعه في الجملة واجبٌ، وذاك وجود الرب عز وجل، وجائزٌ وذاك وجود غيره تعالى، والجائز محتاج في وجوده إلى الواجب.

فغاية ما تلزمونا به احتياج الرب سبحانه في وجوده إلى عدمٍ ما، يستحيل وجوده بدون إيجاد الرب سبحانه له، ولا حرج في هذا، بل ولا في بعض ما هو أشد منه، كأن يقال: إن الرب محتاج في ربوبيته إلى عدم وجود ربّ آخر يُنازعه.

فإن قلتم: فيلزم أن يكون عدم وجود الجائزات متقدمًا على وجود الرب.

قلنا: بل يكفي المعية، والربّ أزلي، وذاك العدم أزلي (٣).


(١) لم نجد هذا الفصل المشار إليه فيما وقفنا عليه من هذه الرسالة.
(٢) كذا في الأصل بالرفع في اللفظين، وحقهما النصب.
(٣) من قوله: "كأن يقال ... " إلى هنا تتمة اللحق الطويل الذي بدأ في (الورقة ٥٠ ب)، لكنه جاء في (الورقة ٥١ ب).