للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكننا ندع هذا، ونتمم الجواب عن بقية الأوجه التي ذكرتم.

أما الوجه الرابع (١) فقد اختلف أصحابنا على أقوال:

الأول: أن العامي يكفيه التقليد بأن الله عز وجل ليس في مكان.

الثاني: أنه يكفيه أن يبقى خالي الذهن في هذه المسألة.

الثالث: بل ولا يضره التردد فيها، مع نفي اللوازم الموجبة للكفر.

الرابع: بل ولا يضره اعتقاد المكان، مع نفي اللوازم أيضًا.

الخامس: بل ولا يضره أن يعتقد الجسمية على أنه جسم لا كالأجسام، بل قال بعض المحققين (٢): ينبغي إقرار العوامِّ على ذلك؛ لئلا يتشككوا في وجود الرب عز وجل، بل قيل: يحرم التعرض لهم، بل قيل: إن التعرض لهم كفر.

وأما الوجه الخامس فإن أصحابنا يفرقون بين الخاصة والعامة، فيقولون: أما الخاصة فقد دعاهم الرسل إلى التدبر والنظر، وبينوا أن الله هو الحق وما سواه باطل، وأنه الأول والآخر، وأنه خالق كل شيء، وأنه ليس كمثله شيء، وأنه لم يكن له كفؤًا أحد، وأنه القدوس، وهو المنزَّه عن كل نقص، إلى غير ذلك، وهذه إذا (٣) تدبرها الخاصة وأعطوها حقها لم يخْفَ عليهم الحق.

وأما العامة فاختلفوا فيهم على الأقوال المتقدمة.


(١) تقدم الجواب على الثلاثة الأوجه الأولى (ص ٩٤ - ٩٦).
(٢) لعله الغزالي، قارن بكتابه "الاقتصاد في الاعتقاد" (ص ٨)، و"إلجام العوام عن علم الكلام": (٤/ ٨٢ - ٨٣ ضمن رسائل الغزالي).
(٣) الأصل: "وهذا إذ".