للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو قال - صلى الله عليه وآله وسلم - لرجل: أتحبُّ فلانًا؟ فقال: نعم! فقال: أَمَا إنّك ستقتله، فلمّا كان بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - سَقَطَت من الرجل كلمة كانت سببًا لقتل صاحبه، لقال: صدق الله ورسولُه، أنا قتلته بكلمتي.

وفي هذا نصٌّ واقع، وهو قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لأزواجه لمَّا سألْنَهُ أيتُهُنّ أسرع لحوقًا به: "أسرعكنَّ لحوقًا بي أطولُكُنَّ يدًا".

قالت عائشة: "فكُنَّا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - نمدُّ أيدينا في الجدار نتطاول، فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش، وكانت امرأة قصيرة، ولم تكن أطولنا، فعرفنا حينئذ أنَّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إنّما أراد بطول اليد الصَّدَقة، وكانت زينب امرأة صنَّاعة باليد، وكانت تدبغ وتخرز وتصدَّق في سبيل الله".

هذا لفظ رواية الحاكم في "المستدرك" (١)، كما حكاها الحافظ في "الفتح" (٢). والحديث في "الصحيحين" (٣)، ولكن وقع في رواية البخاري اختصار ووهمٌ، نبَّه عليه الحافظ في "الفتح" (٤).

قال الحافظ: "وفي الحديث عَلَمٌ من أعلام النبوة ظاهر، وفيه جواز إطلاق اللَّفظ المشترك بين الحقيقة والمجاز بغير قرينة، وهو لفظ "أطولُكُنَّ"


(١) (٤/ ٢٥) وقال: "صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.
(٢) "الفتح" (٣/ ٢٨٦).
(٣) البخاري (١٤٢٠)، ومسلم (٢٤٥٢) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٤) والوهم والاختصار الذي وقع في رواية البخاري والذي نبَّه عليه الحافظ هو لفظه الموهم أنَّ أول نسائه موتًا بعده "سودة بنت زمعة" رضي الله عنها، والصواب أنَّها "زينب بنت جحش" رضي الله عنها.