للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله تعالى: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ} الآية [الأنفال: ٦٩]، الخطاب للصحابة [ ... ] في غنائم بدر، والخبر المخالف لما قلناه لم يصح.

وقوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (١)} الآيات، قصد صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ما يظنُّ أنَّه خيرٌ، من استقبال بعض عظماء قريش، رجاء إسلامه، مع أنَّ ذلك السائل عن بعض أمور الدين لا يفوته، فعاتبه الله عزَّ وجلَّ، وبيَّن له أنَّ الأَولى الإقبال على ذلك الأعمى المؤمن.

وما حُكِيَ من الثناء على اللَّات والعزَّى فلم يصحَّ، وقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى} الآية [الحج: ٥٢] (١)، فالمراد بالأماني: الأماني فيما يقصد به إلى ما يظنُّه خيرًا، ممَّا لا يوافق مراد الله تعالى منه.

وأمَّا اختلاف المسلمين في العِصْمَة فنحن لا ننكر أنَّ في أقوال بعض المسلمين ما يخالف الحقَّ، ولكنَّه يكون هناك فريقٌ آخر قائل بالحقِّ، فلا يُجْمِع المسلمون على ضلالةٍ أبدًا ولله الحمد، والحقُّ ما شهد به كتاب الله تعالى وسُنَّة رسوله، والعقل السَّليم (٢).


(١) يُنظَر في تفصيل ذلك كتاب: "نصب المجانيق لنسف قصَّة الغرانيق" للشيخ الألباني رحمه الله.
(٢) الظاهر ممَّا سبق من سياق كلام المؤلِّف رحمه الله قوله بالعصمة المطلقة للأنبياء من جميع الذنوب حتى من صغائرها، وهو أحد قولين للناس في المسألة.
وقد حكى غير واحدٍ من الأئمَّة ــ كالنَّووي والآمدي وابن تيمية وغيرهم سلفًا وخلفًا ــ القول عن أكثر علماء الإسلام من السَّلَف والخلف بجواز وقوع الأنبياء في صغائر الذنوب التي لا تتنافى مع الأمانة في تبليغ الرسالة، ومع عدم إقرارهم عليها.
يُنظَر في ذلك: "الإحكام" للآمدي (١/ ٢٢٧ - ٢٣٠)، و"شرح صحيح مسلم" للنَّووي (٣/ ٥٣ - ٥٤)، و"مجموع الفتاوى" لابن تيمية (٤/ ٣١٩ - ٣٢١)، و (١٠/ ٣٠٩)، و (١٥/ ٥١ - ٥٧)، و (٣٥/ ١٠٠ - ١٠٤) وغيرها، وأطال النفس في مناقشة الأدلَّة في "منهاج السُّنَّة" (٢/ ٣٩٣ - ٤٣٥).