وبعد شرح هذا التعريف ذكر ستة أمور يجب استحضارها، أولها: أن هذا المعنى كان بيِّنًا في الجملة عند العرب الذين خوطبوا بالقرآن، إلا أن هناك دقائق قد كان يخفى على كثير منهم أنها عبادة وتأليه. وآخرها: أن العقل يستبعد بل يكاد يُحيل أن يكون هذا الأمر الذي هو أسُّ الإسلام وجوهره غفل عنه أكثر العلماء، إن لم نقل كلهم ... حتى آل إلى ما نراه من الخفاء.
فصارت تفسيراتهم للإله والعبادة على ما شهدت، وصار الكلام في التفاسير وشروح الحديث وكتب الفقه على ما يعرفه من طالعها. ثم بيَّن السبب الذي أدَّى إلى تلك الغفلة.
- في قوله تعالى:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} قرَّر أن الجملتين إنشائيتان. وذكر استشكال كثير من الناس ما اقتضته الآية من نفي الاستعانة بغير الله عز وجل، مع أنَّ مصالح الدنيا وكثيرًا من مصالح الدين لا تقوم إلا بتعاون الناس. وأجاب عنه بأن هذا مبني على أن الجملة خبرية، وليس الأمر كذلك، وإنما هي إنشائية لطلب المعونة، والطلب يُوجَد بنفس الجملة.
- فسَّر هداية الطريق بالإرشاد إليه. قال: ولكنها تكون على أوجه. وذكر خمسة أوجه.
- وبعد ما فسَّر قوله تعالى:{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} الآية وذكر ما فيها من الهداية والتنبيه، كتب "مسألة"، وتكلم على صفة الغضب من الله جلَّ ذكرُه.