وبعد نقل الحديث قال: الزهري أجلّ من هشام، لكن قد ينظر فيما في روايته من وجهين ... " فانتقد الصورة المذكورة في رواية الزهري وقال: إن ما في رواية هشام أقرب إلى ظاهر الآية، مع ملاحظة عليها. ثم ذهب إلى أن طريقة المحققين من أئمة التفسير والحديث تحري الجمع بين الروايات، وإذا كانت الآية ظاهرة في العموم لم تصرف عنه إلى الخصوص لظاهر تفسير بعض السلف. وأيد كلامه بقول شيخ الإسلام ابن تيمية: إن كثيرًا من تفسيرات السلف إنما أريد بها النص على أن ما ذكره مما يدخل في الآية، لا أنه المعنى كله.
وجعل الشيخ المعلمي رحمه الله هذا مدخلًا لتفسير جديد للآية، فقال: "فعلى هذا، يمكن تقرير معنى الآية على ما يشمل ما تقدم وغيره من صور خوف عدم الإقساط، وتسلم مع ذلك عن كثرة الحذف والتقدير".
ثم ذكر بعض الأوجه التي يشتبه فيها وجه القسط وقال: "فأرشدهم الله عز وجل إلى أولى الأوجه وأقربها إلى القسط، وهو تحري الطيب في النكاح". وفسر الطيب بأن تكون المرأة مع حلها للرجل معجبة له خَلْقًا وخُلُقًا. فإذا كان تأويل الآية حسب القولين الأولين: وإن خفتم يا معشر الأولياء ألا تقسطوا في اليتامى إذا نكحتموهن، فلا تنكحوهن، وانكحوا ما طاب لكم من النساء سواهن، فإن المعنى الثالث عند الشيخ "غني عن تلك التقديرات، وإنما تحتاج إلى تفسير يكشف المعنى، وبيان أن التعليق منحوٌّ به نحو اللازم، فكأنه قيل: وإن ألبس عليكم سبيل الإقساط إلى اليتامى في قضية نكاحهم فخفتم ألا تقسطوا في اليتامى، فهذا سبيل الإقساط في ذلك وفي النكاح كله: انكحوا ما طاب لكم من النساء ... ".