للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الثالث، فبطلانه واضح؛ لأنه إذا كان لفظ "اسم" بمعنى الله، فكيف أضيف إلى الله؟ إلا أن يريد أن مدلول اسم الله هو هذه الكلمة "الله"، فهذا لا نزاع فيه، وليس مراده؛ لأنه يقول في {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: ١]: إنَّ المعنى سَبِّحْ رَبَّكَ. ولو كان ذاك مراده، لكان المعنى: سبح اللفظ الذي هو اسم ربك، مثل لفظ "الله"، ولفظ "الرحمن"، وهو لا يقول ذلك.

وأما الرابع، فبطلانه واضح.

وإن كان الثاني، أي أن المراد بالاسم مدلوله من كل لفظ دالٍّ على مسمًّى، مثل زيد ورجل ونخلة وفهم، فهذا حقٌّ، فإن من قال: بايعت زيدًا، إنما يريد بقوله: "زيد" الرجلَ عينَه، وكذلك الباقي.

هذا هو الحقيقة، وقد يطلق الاسم ويراد به نفسه، كقولك: كتبت "زيد"، وقوله تعالى: {اسْمُهُ يَحْيَى} [مريم: ٨]، وغير ذلك.

فإذا كان المعنى الثاني هو مراد من قال: الاسم عين المسمى، فمراده أن ذلك هو الحقيقة. وهذا حق لا ريب فيه، ولكنه لا دليل فيه على أن لفظ "اسم" في قوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: ١] أريد به الرب تعالى؛ لأن لفظ "اسم" هو في نفسه فرد من أفراد الاسم، فإنك تقول: ما اسم اللفظ الذي يوضع للشخص ليعرف به؟ فيقال: اسم.

ومقتضى القاعدة أن لفظ "اسم" حيث يطلق فالمراد به مدلوله إذا كان الكلام على حقيقته، ومدلول لفظ "اسم" هو اللفظ الموضوع للشيء ليعرف به، وهذا حق، فإننا نقول لزيد: كتبنا اسمك، أي كتبنا لفظ: "زيد".