للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكلام، ولو ثبت في فصيح الكلام فليس مما يقاس عليه. وحملُ القرآن على ما لم يثبت لا يجوز، ما دام يحتمل غيره.

وسنبيِّن إن شاء الله تعالى أن الآيات التي زعموا زيادة لفظ "اسم" فيها لا

حاجة بها إلى ذلك.

[٤٥/ب] القول السادس: إن لفظ "اسم" في نحو {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: ١] بمنزلة المجلس والحضرة في قولهم: سلام على المجلس العالي، والحضرة الشريفة (١).

أقول: هاتان الكلمتان من تنطعات المولَّدين تبعًا للأعاجم. ونظير ذلك أو أقرب منه قول بعضهم (٢) في قوله عز وجل: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: ٤٦] واحتجاجه ببيت الشماخ:

ذعرتُ به القطا ونفيتُ عنه ... مقامَ الذئبِ كالرجلِ اللَّعينِ (٣)

وليس بشيء، فقد فسّر السلف ومن يقرب منهم {مَقَامَ رَبِّهِ} بما يليق به.

وأما بيت الشماخ، فـ "مقام" فيه بمعنى "قيام"، يريد: أزلت عنه قيام الذئب، أي وقوفه.

وأما المولدون، فيستعملون "المقام" بمعنى مكان الإقامة، ثم يقولون: سلام على ذلك المقام، ونحو ذلك. والعارف منهم يشبه هذا بقول


(١) وهو قول أبي حامد الغزالي في كتابه "المقصد الأسنى" (٣٨).
(٢) انظر: "روح المعاني" (٢٥/ ٤) و (٢٧/ ١١٦).
(٣) "ديوان الشمَّاخ" (٣٢١).