داعي إلى تأويله؛ لأن معنى "تبارك": تكاثرت بركته أي خيرُه.
وأسماء الله تبارك وتعالى كثيرة البركة، فبها تستفاد الخيرات، إذ بها يدعى سبحانه فيجيب، ويُستعان فيعين، ويُستغاث فيغيث، ويُستغفر فيغفر، وبه يُوحَّد ويُمجَّد ويُحمَد ويُسبَّح، إلى غير ذلك.
وقد قال ابن الأنباري:"تبارك الله: أي يتبرك باسمه في كل شيء". ذكره صاحب لسان العرب وغيره (١).
فإن قيل: لكن السورة من أولها إنما عددت نعم الرب وبركاته وخيراته عز وجل، ولا يظهر فيها ما يتعلق بالاسم.
قلت: هذا سؤال قوي، وجوابه بحمد الله عز وجل سهل، وهو أن تلك النعم تتعلق باسمين من أسمائه سبحانه، أحدهما: الرحمن، والثاني: الربّ.
ودلّ على ذلك بناؤه السورة على الأول: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (٤) ... }. ثم عقب تفصيلها بعنوان الثاني، وذلك قوله:{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
ومعنى الرحمن والرب موافق لذلك، فقد يكون أحد هذين أو كلاهما هو المراد بالاسم.
فإن قلت: إن النعم لا تتعلق بالاسم نفسه، وإنما تتعلق بالصفة التي دلَّ
(١) "اللسان" (برك ١٠/ ٣٩٦). ونص كلامه في "الزاهر" (١/ ١٤٧ - ١٤٨): " وقولهم (تبارك اسمك وتعالى جدك) فيه قولان: معنى تبارك: تقدس أي تطهر ... وقال قوم: معنى تبارك اسمك، تفاعل من البركة، أي البركة تكتسب وتنال بذكر اسمك".