للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثانيًا: بأنه لا يعرف في الأدعية والأذكار الشرعية نظير لهذا، وعامة الأدعية والأذكار الشرعية كل منها يكون لفظه بنفسه وحده، أو مع ما تدلُّ القرائن على تقديره دالًّا على التعظيم أو السؤال.

وقد قال بعض الأجِلَّة (١): إن ذكر كلمة الجلالة أو تكرارها ليس بذكر شرعي، لأن الاسم وحده لا يفيد معنىً.

ثالثًا: هذا الخبر ــ وهو "ذاكرًا اسم الله" ــ يحتاج إلى ما يصدق عليه، والغالب أن المسمّي يقتصر من ذكر الله على قوله "باسم الله"، فإذا جعلناها خبرًا فأين المخبَر عنه. وإيضاحه: أن قول القائل: "ذاكرًا (٢) اسم الله آكل" إنما يكون صادقًا إذا وقع منه حال أكله ذكر لاسم الله غير هذه الجملة، إذ لا يمكن أن يكون الجملة الواحدة مخبرًا بها عن نفسها، أي هي الخبر، وهي المخبر عنه.

[٤٨/أ] والجواب عن الأمر الأول: أن "باسم الله" على معنى "ذاكرًا اسم الله" أقيمت عند الشروع في الأمور مقام جميع الأذكار والأدعية التي تناسب الحال.

ونوضح ذلك بمثال: وهو أن يجتمع أربعة، ويقدَّم لكل منهم طعامه، فأما أحدهم فنصراني شرع يذكر اسم يسوع، شاكرًا له على أن رزقه الطعام بزعمه، ويتضرع إليه أن يهنئه أكله، وأن يبارك له فيه، وأن يصرف عنه ضرَّه، وأن ينفعه به، إلى غير ذلك من المطالب.


(١) لعل المقصود شيخ الإسلام ابن تيمية. انظر كلامه في "مجموع الفتاوى" (١٠/ ٢٢٦)، وانظر: "طريق الهجرتين" لابن القيم (٧٣٩).
(٢) في الأصل: "ذاكر".