للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يستحقُّ شيئًا من الحمد إلا اللهُ عزَّ وجلَّ لزم أن يكون ذلك الثناءُ باطلًا؛ لأنه حمدٌ لمن

لا يستحقُّه.

وقد ظهر لي جوابان:

الأول: أن يقال: إن الثناء على المخلوق هو في الحقيقة ثناء على الخالق، كما أنَّ الثناء على العسل بالحلاوة والنفع ونحو ذلك هو في الحقيقة ثناءٌ على الخالق الذي جعله كذلك. أو لا ترى أنَّ الثناء على الخط بالحسن والإتقان إنما هو ثناء على كاتبه؟ فكذلك الثناء على الكاتب إنما هو ثناء على ربِّه الذي خلقه ويسَّره وعلَّمه وأقدَره.

هذا حكم الثناء في ذاته. فأما الأجر والثواب فإنه يتوقف على النية وموافقة الشرع. فلا يُعَدُّ الثناءُ على الكاتب بحسن الخطِّ وجودته ثناءً على الله عزَّ وجلَّ باعتبار الأجر والثواب إلا أن ينوي المُثْني ذلك ويشير إليه. فلا يُشكِلْ عليك هذا!

وقد قال بعض المدققين: إن عبادة المشركين لآلهتهم هي في الحقيقة عبادة لله. ووجهه ما سمعت، فإنَّ العبادة داخلة في الحمد، وليس المراد أن حكمها حكم عبادة الله، بل هي في الحكم عبادةٌ لغير الله وشركٌ، فلا تغفلْ.

هذا، والتحقيق في عبادة غير الله عزَّ وجلَّ الاكتفاءُ بأنها حمدٌ لغير مستحقه، فهي باطلة البتة. ولا حاجة للتعمق، فإنَّ معنى "الحمدُ لله": الحمد مستحَقٌّ لله، لا أنه لا يقع إلا لله.

الجواب الثاني: أن المراد بالاستحقاق الاستحقاق الذاتي. فالذي يستحق أن يُحمَد استحقاقًا ذاتيًّا هو الله عزَّ وجلَّ وحده، ولكنه سبحانه