للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٨٧) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ

شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [المؤمنون: ٨٤ ــ ٨٩].

في آيات أخر قد ذكرتُ طائفةً منها، ونبَّهتُ على الباقي في "رسالة العبادة" (١). وبعد اعترافهم بما ذكر كانوا يفرُّون إلى {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: ٣]، فأبطل الله تعالى ما يتوهَّمونه من الشفاعة، وبيَّن أنَّ ما هو حقٌّ منها لا يقتضي أن يدعوا من دونه، وتمام هذا في "رسالة العبادة" (٢).

ومنه: تصرُّفُ الجن، وقد بسطت الكلام عليه في "رسالة العبادة" (٣)، وحاصله: أن الجن وإن كانوا في دور الابتلاء كالإنس، إلا أن تصرُّفهم لا يتعدى إلى الإنس، وإنما سلَّطهم الله تعالى على الوسوسة، ثم شرع لنا ما ندفعها به. فأما تسليطهم على الإيذاء فإنه نادر، ويكون بتسليطٍ خاصٍّ من الله تعالى عقوبةً لمن يستحقه من الإنس، ثم شرع له ما يتمكن به من دفع ذلك من التوبة والاستغفار والتعوذ. فتصرُّفُهم المتعلِّقُ بالإنس في غير الوسوسة شبيهٌ بتصُّرف الملائكة، وإنما يخالفه في أنه قد يكون معصية، وإنما أذن لهم فيها إذنَ تسليطٍ كما يسلِّط الله تعالى الظالمَ من الإنس على الظالم.

ومنه: تصرُّفُ أرواح الصالحين الموتى، وهذا إن قام برهان على ثبوت


(١) رسالة "العبادة" (ص ٧١٥ - ٧٢٤).
(٢) رسالة "العبادة" (ص ٣٤٨ - ٣٦١، ٨٥١ وما بعدها).
(٣) رسالة "العبادة" (ص ٨١٧ - ٨٢٠، ٨٧٧ - ٨٧٨).